السنة وحي

السنة وحي وتفسر القران



كتاب اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر [فهد الرومي] ج: 1 ص: ٨٦
الفصل الأول: منهج أهل السنة والجماعة في تفسير القرآن الكريم أسس تفسير أهل السنة
[أسس تفسير أهل السنة]
يقوم منهج أهل السنة والجماعة في التفسير على أسس واضحة بينة, أهمها:
أولا: تفسير القرآن بالقرآن: وهو أصح طرق التفسير, فما أجمل في مكان فإنه قد فسر في موضع آخر, وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر.
ثانيا: تفسير القرآن بالسنة: فإنها شارحة للقرآن وموضحة له، بل قد قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي: كل ما حكم به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو مما فهمه من القرآن, قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} ١، وقال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ ١ سورة النساء: من الآية ١٠٥.


ص: ٨٧
الفصل الأول: منهج أهل السنة والجماعة في تفسير القرآن الكريم أسس تفسير أهل السنة لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} ١، وقال تعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} ٢ . ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه" ٣ يعني السنة٤ وقال -أيضا- الإمام الشافعي رحمه الله: "وسنن رسول الله مع كتاب الله وجهان: أحدهما نص كتاب فاتبعه رسول الله كما أنزل الله والآخر جملة بين رسول الله فيه عن الله معنى ما أراد بالجملة وأوضح كيف فرضها عاما أو خاصا, وكيف أراد أن يأتي به العباد, وكلاهما اتبع فيه كتاب الله"٥. وقال الطبري, رحمه الله تعالى: "إن مما أنزل الله من القرآن على نبيه -صلى الله عليه وسلم- ما لا يوصل إلى علم تأويله إلا ببيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- وذلك تأويل جميع ما فيه من وجوه أمره: واجبه وندبه، وإرشاده، وصنوف نهيه، ووظائف حقوقه وحدوده ومبالغ فرائضه ومقادير اللازم بعض خلقه لبعض وما أشبه ذلك من أحكام آيه التي لم يدرك علمها إلا ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته, وهذا وجه لا يجوز لأحد القول فيه إلا ببيان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تأويله بنص منه عليه, أو بدلالة قد نصبها دالة أمته على تأويله"٦. وقال الإمام الشاطبي, رحمه الله تعالى: "إن السنة توضح المجمل وتقيد المطلق وتخصص العموم, فتخرج كثيرا من الصيغ القرآنية عن ظاهر مفهومها في أصل اللغة, وتعلم بذلك أن بيان السنة هو مراد الله تعالى من تلك الصيغ, فإذا طرحت واتبع ظاهر الصيغ بمجرد الهوى صار صاحب هذا النظر ضالا في نظره
----------------------------------------
١ سورة النحل: من الآية ٤٤.
٢ سورة النحل: من الآية ٦٤.
٣ رواه أحمد ج٤ ص١٣١؛ وأبو داود في السنة وسنده صحيح ج٤ ص٢٠٠.
٤ مجموع الفتاوى ج١٣ ص٣٦٣- ٣٦٤.
٥ الرسالة, للإمام الشافعي، تحقيق أحمد محمد شاكر ص٩١.
٦ تفسير الطبري، تحقيق محمود شاكر ج١ ص٧٤.



ص: ٨٨
الفصل الأول: منهج أهل السنة والجماعة في تفسير القرآن الكريم
أسس تفسير أهل السنة
جاهلا بالكتاب خابطا في عمياء لا يهتدي إلى الصواب فيها، إذ ليس للعقول من إدراك المنافع والمضار في التصرفات الدنيوية إلا النزر اليسير وهي في الأخروية أبعد على الجملة والتفصيل"١.
هذا بعض ما قاله علماء السنة في تفسير القرآن بالسنة, ومنه يعرف منزلة هذا النوع من التفسير، بل إنهم لا يقبلون سواه إذا صح عندهم. قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: "ومما ينبغي أن يعلم أن القرآن والحديث إذا عرف تفسيره من جهة النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يحتج في ذلك إلى أقوال أهل اللغة, فإنه قد عرف تفسيره"٢، وقال أيضا: "ولم يكن السلف يقبلون معارضة الآية إلا بآية أخرى تفسرها أو تنسخها أو بسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- تفسرها, فإن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تبين القرآن وتدل عليه وتعبر عنه"٢.
ثالثا: تفسير القرآن بأقوال الصحابة:
فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرآن والأحوال التي اختصوا بها كمعرفة أوضاع اللغة وأسرارها، ومعرفة عادات العرب وقت نزول القرآن, ومعرفة عادات اليهود والنصارى حينذاك, وقوة الفهم وسعة الإدراك ومعرفة أسباب النزول وما أحاط بآيات القرآن من أحداث وقت نزولها؛ لذا ولغيره تبوأ تفسيرهم هذه المنزلة من القبول عند علماء أهل السنة والجماعة لا سيما علماء الصحابة وكبراؤهم كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين كابن مسعود وابن عباس.
رابعا: اعتبار أقوال التابعين:
لأنهم تلقفوا علم الصحابة ووعوه ودارسوهم القرآن الكريم وسألوهم عنه كما قال مجاهد بن جبر رحمه الله تعالى: عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إلى خاتمته, أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها, وقال قتادة: ما في القرآن آية إلا وقد سمعت فيها شيئا.
١ الموافقات: الشاطبي ج٤ ص٢١.
٢ مجموع فتاوى ابن تيمية: جمع عبد الرحمن بن قاسم وابنه محمد ج١٣ ص٢٧-٢٩.


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى: (13/363): والسنة تتنزل عليه بالوحي كما ينزل القرآن لا أنها تتلى كما يتلى. اهـ.


فتوى ابن باز
الجواب:

نعم، أحاديث الرسول ﷺ وحي من الله، يقول الله : وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى [النجم:1] هذا قسم من الله بالنجم وهو يقسم من خلقه بما يشاء ، كما قال تعالى: وَالطُّورِ ۝ وَكِتَابٍ مَسْطُور [الطور:2] وقال: وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ [البروج:1] وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ [الطارق:1]، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى [الليل:1] كل هذه أقسام من الله، فهو سبحانه يقسم من خلقه بما يشاء؛ لأن في هذه المخلوقات آيات ودلالات على قدرته العظيمة وأنه رب العالمين  يقول جل وعلا: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ۝ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ [النجم:1-2] يعني: محمد عليه الصلاة والسلام وَمَا غَوَى [النجم:2] الضلال ضد العلم، والغواية عدم العمل بالعلم، فالرسول صلى الله عليه وسلم ليس بضال، وليس بغاوٍ، بل هو بار راشد عالم بالحق عليه الصلاة والسلام، على هدى، فهو مهتدي وراشد في أعماله كلها عليه الصلاة والسلام.

ثم قال بعدها: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى [النجم:3] إذ ليس كلامه عن هوى من نفسه، بل عن وحي؛ ولهذا قال: إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:4] إن نافية، المعنى: ما هو إلا وحي يوحى، يعني: ما كلامه إلا وحي من الله  فإذا قال كذا، أمر بكذا، ونهى عن كذا، فكله وحي من الله عز وجل بنص هذه الآية الكريمة.

وكذلك بقوله ﷺ لما قال له عبد الله بن عمرو:أنكتب يا رسول الله ما تقول؟ قال: نعم، اكتب، فوالذي نفسي بيده لا يخرج من هذا إلا حق عليه الصلاة والسلام، أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

فالمقصود أنه لا يخبر عن هواه وعن نفسه، وإنما يخبر عما يوحي الله إليه من الأوامر والنواهي والتشريع عليه الصلاة والسلام، وسبق أن الله يقسم من خلقه بما يشاء، لكن العبد ليس له أن يقسم إلا بربه، ليس للإنسان أن يحلف إلا بالله وحده، فليس له أن يحلف بأبيه أو بالأمانة أو بالنبي ﷺ أو بالكعبة أو بشرف فلان أو حياته، كل هذا لا يجوز، يقول النبي ﷺ:من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت ويقول عليه الصلاة والسلام:لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد، ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون .

ويقول عليه الصلاة والسلام:من حلف بشيء دون الله فقد أشرك رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح عن عمر قال العلماء: الشرك هنا شرك أصغر، الحلف بغير الله من الشرك الأصغر، وقد يكون أكبر إذا قام بقلبه تعظيم المخلوق مثل عظمة الله أو أنه يجوز أن يعبد مع الله أو نحو هذا صار شركًا أكبر نعوذ بالله.

فالحاصل والخلاصة أنه ليس للعبد أن يحلف بالمخلوقات، وإنما يحلف بالله وحده، أما ربنا سبحانه فله أن يقسم من خلقه بما يشاء لا أحد يتحجر عليه . 

المقدم: جزاكم الله خيرًا. والخلاصة أيضًا أن الحديث هو وحي من الله وهو سؤال أختنا؟
الشيخ: نعم.
المقدم: بارك الله فيكم.
الشيخ: وحي من الله. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً. 



حرَّم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يومَ خـيبرَ أشياءَ ثم قال يوشكُ أحدُكم أن يكذبَني وهو متكئٌ يُحدَّثُ بحديثي فيقولُ بيننا وبينكم كتابُ اللهِ فما وجدنـا فيه من حلالٍ استحللناه وما وجدنا فيه من حرامٍ حرَّمناه ألا إنَّ ما حرَّمَ رسولُ اللهِ مثلُ ما حرَّم اللهُ
الراوي:المقدام بن معد يكرب الكندي | المحدث : ابن باز |المصدر:مجموع فتاوى ابن باز
الصفحة أو الرقم: 25/38 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح


لا أَلْفِيَنَّ أحدَكم مُتَّكِئًا على أَرِيكَتِهِ يأتِيه أمرٌ مِمَّا أمرْتُ به أو نَهيتُ عنه فيقولُ : لا أدري . ما وجدْنا في كتابِ اللهِ اتبعناه
الراوي : أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم | المحدث : الترمذي | المصدر : سنن الترمذي | الصفحة أو الرقم : 2663 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح


ألَا هلْ عسى رجلٌ يبلغُه الحديثُ عنِّي وهوَ مُتَّكئٌ على أريكتِهِ، فيقولُ: بيْنَنا وبينَكم كتابُ اللهِ، فما وجَدْنا فيهِ حلالًا استَحْلَلْناه، وما وجدنا فيه حرامًا حرَّمْناه، وإنَّ ما حرَّمَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ كمَّا حرَّمَ اللهُ
الراوي : المقدام بن معدي كرب | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي
الصفحة أو الرقم: 2664 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
التخريج : أخرجه الترمذي (2664) واللفظ له، وأخرجه أبو داود (4604) مطولاً باختلاف يسير، وابن ماجه (12) باختلاف يسير

سنن أبي داود أبو داود - سليمان بن الأشعث السجستاني الأزدي
صفحة 200 جزء 4
[ ص: 200 ] باب في لزوم السنة
4604 حدثنا عبد الوهاب بن نجدة حدثنا أبو عمرو بن كثير بن دينار عن حريز بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عوف عن المقدام بن معدي كرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي ولا كل ذي ناب من السبع ولا لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه